المعلومات والعقل المُدقق
شهدت الوصلات العصبية في مخ الإنسان تاريخاً طويلاً
من التطور، وهو أمرأدى بدوره إلى تطور ذلك المخ وتطور كل ما يقوم به من عمليات، فنحن
ندرب أدمغتنا لتصبح أكثر كفاءة وجدارة بالثقة في مساعدتنا على تحقيق أهدافنا، ونسعى
سعياً حثيثاً إلى استغلال القوة الكامنة في عقولنا لتحقيق أعلى مستويات الإنجاز والتنافسية.
هذا، وقد تمكن الإنسان ذكائه وقدراته من أن
يبتكر طرقاً عديدة يحرر بها عقله من الجلبة، وينقيه من الفوضى، يفسح له المجال للاحتفاظ بالتفاصيل المهمة حين يتعذر
عليه التذكُّرأو استرجاع المعلومات. قبل اختراع الكتابة، لم يكن أسلافنا يعتمدون سوى
على الذاكرة، أو النقوش، أو الموسيقى لتسجيل المعلومات المهمة والاحتفاظ بها في صورة
رموز، فالذاكرة خطَّاءة بطبيعة الحال، بيد أن هذا لا يُعزى إلى قصور عملية التخزين،
بل إلى القيود التي تفرض نفسها على استرجاع المعلومات. مع ذلك، عندما يشرع الإنسان
في “تجسيم” ذاكرته، أو بعبارة أخرى: تحويل المعلومات غير الملموسة إلى لغة مكتوبة مرئية،
يتحرر عقله وجهاز “انتباهه” من شتات الفوضى المعلوماتية، مما يتيح له الفرصة للتركيز
في الأهم ثم المهم. لكن ثمة مشكلة أخرى لاحت في الأفق مع ظهور الكتابة ممثلة في تخزين
ما يُكتب، وفهرسته، والوصول إليه متى دعت الضرورة. فأين يجب تخزين ما سُطر حتى لا تضيع
المعلومات المتضمنة بين ثناياه؟ إن كانت الرسالة المكتوبة بمثابة تذكِرة بحد ذاتها،
فعلى كاتبها أن يتذكر أين وضعها في الأساس! هذه هي المسألة. رتب عقلك أولاً
من كتاب ( ORGANIZED MIND / DANIEL J LEVITIN)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق